الاستاذ والممرضة

دخل الأستاذ أمين الى قسمه متحفزا..وبدأ في شرح درسه...في تحليل النصوص الشعرية..فكتب على السبورة البيت التالي..
وناهدة الثديين من خدم القصر***سبتني بحسن الجيد والوجه والنحرــ من صاحب هذا البيت
ــ حلل البيت تحليلا أدبيا مستنتجا محاسن بيانية
ــ أعرب كل من الجيد ...والوجه...والنحر
ثم أراد أن يساعدهم في السؤال الأول...فقال من هو الشاعر؟
فأجابه تلميذ مهتم نسبيا ...هو المتنبي ...يا أستاذ
فأبتسم الأستاذ أمين..وقال لا ليس هو..
أحس الأستاذ أن الشاعر بعيد عنهم تماما..فقال ..هو صاحب البيت الشهير..
دع عنك لومي فإن اللوم إغراء**وداوني بالتي كانت هي الداء..وجم التلاميذ..ولا جواب.
فقال هو الحسن بن هاني...الشهير بــ." أبونواس " فأبتسم التلاميذ..لمعرفتهم بالشاعر عاشق الخمر...و..
جلس الأستاذ على مكتبه بعد أن أحس بدوار وألم برأسه...ثم قام وقال للتلاميذ سأعود...
وذهب صوب العيادة داخل المؤسسة ..لعله يجد ما يسكن به ألم رأسه هذا..
ولج الأستاذ أمين العيادة بعد أن دق الباب..فوجد الممرضة إلهام...فأستقبلته بحفاوة ..لا بأس عليك يا أستاذ..فرد مجهودا..ألم بسيط برأسي فقط...هل يوجد لديك..مسكن ..بارسطامول..
نظرت إليه بشفقة كبيرة وقالت له تمدد هنا يا أستاذ...وقالت له جئت في الوقت المناسب فأنا أشعر بالملل في هذه العيادة ..وأريد المحاورة..لو سمحت لي...هنا رفع بصره الى وجهها يتفحصه عما ترمي إليه من قولها هذا...
فأبتسمت ..وهي تحمل زجاجة الماء وتقدم له المسكن...ثم قالت : أعمل 8 ساعات يوميا ...ولكن أي عمل..إنها بطالة مقنعة..لا يزورني إلا شخصين أو ثلاثة في اليوم..فلا أجد محدثا أو مؤنسا..ما عدا سعاد السكرتيرة تأتيني لماما...
أعتدل الأستاذ في جلسته وقال: إنك في نعمة...لا يحس بها إلا من فقدها..فلا تلاميذ..ولا فوضى..ولا فروض ولا نقاط..و لا أولياء... ضحكت الممرضة إلهام..وهي تعيد الدواء الى الثلاجة الصغيرة في الزاوية القريبة...ثم نظرت من بعيد في وجه الأستاذ ..تتفحصه..فبدى لها كهلا..أنهكته الحياة بتكاليفها وأضفى عليه التعليم مسحة مسكنة وكان شعره منحصر قليلا..وشاربه دون عناية ظاهرة..وزاده المئزر الأبيض غبنا على غبن...
فنزعت إلهام مئزها...عمدا..حتى ترفع الكلفة بينهما..ثم نادته..أستاذ..هل زال الألم برأسك..فألتفت إليها مندهشا من زييها الجديد بعد اللون الأبيض الذي كان يلفها...فبدت له بثوبها الوردي المزركش أنيقة وجميلة..لولا بدانة غطت شئ ما على هذا الجمال وملامحها جذابة وثغرها الفتان ...دواء في حد ذاته للقلوب المرهقة..فتقدمت منه وهي تحمل ألة قياس الضغط ..فتمدد الأستاذ كما كان ومد ذراعه..ونظر الى وجهها فأبتسمت وقالت ضغطك عادي جدا..ثم أقتربت منه لتنزع أله قياس الضغط هذة..فدنت منه حتى كادت تلامسه بصدرها الناهد..فشعر الأستاذ بحرارة في جسده لم يشعر بها منذ ماتت زوجته...رحمها الله..فأعتدل قليلا مستحيا من دنوها هذا المبالغ فيه.. فألتفتت لترى أثر ذلك على وجهه...وكأنها تتعمد ذلك..ثم أمسكت بيده لتجس نبضه مرة أخرى وهي تتحاشا النظر الى وجهه ..ثم أردفت قائلة..إنك سريع الأنفعال يا أستاذ..هذه الحياة لا تستحق منك كل هذا...
أعتدل وطلب كوب من الماء..قائلا : لقد خبرت الحياة ..فوجدت أنها لا تساوي جلسة أنس مع شخص تحبه...
فأحست إلهام أنه يلمح...فتشجعت وقالت : وهل الأستاذ يحب ....قالتها بخبث...وهي تنتظر ردة فعل عنيفة...
لكنه رد ببرودة لقد أخذ الدهر مني ما أخذ...والحب الذي بقي في قلبي ربما ...أسميه عذاب بدل الحب يا إلهام..
أحست وهو يذكر أسمها ..أنها أضحت قريبة منه أكثر من ذي قبل...فقالت له: نحن النساء يا أستاذ..نعشق كلام الحب ...ولكن لا نمارسه...فرد على الفور: الممارسة هي ...
هنا دق الباب ودخل المدير على عجل: أستاذ أمين كيف حالك ..هل أستدعي الأستعجالات...قالها وعلامات القلق بادية على وجهه...فأجاب الأستاذ...كلا ..كلا...أنا بخير ..وعكة بسيطة..أدركتها إلهام في حينها..بارك الله فيها..
فخرج من العيادة مستبشرا برفقة المدير و هو يقول ...دوخة أعادها الله علينا بخير

اوووو مشكوووووووووره
تسلم ايدك